إقرأ أيضا

الرياضات الإلكترونية.. اقتصاد جديد، ينادينا

من كان منا يتخيل، قبل بضع سنوات، أن الأطفال الجالسين أمام شاشات التلفاز يلعبون الألعاب الإلكترونية وهم ممسكون بأجهزة تحكم، سيجنون المال من اللعب؟! ومن منا كان يتوقع أن لعبة FIFA أو PES وألعابا أخرى ستحمل لاحقا اسم “رياضات”؟! وهل منا من كان يعتقد أن أصوات العديد من المسؤولين الرياضيين سترتفع لإشراك هذه الألعاب الإلكترونية في دورات الألعاب الأولمبية التي تتطلب مجهودا بدنيا؟!

شابات وشبان من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وجدوا في الألعاب الإلكترونية سابقا، أو كما يطلق عليها، حاليا، الألعاب الرياضية، ملجأ يقيهم من قسوة الفقر، ومد اليد عند الحاجة. فتيات من تونس والسعودية والمغرب تقدمن خطوات نحو الأمام لاحتراف هذه الرياضة. فيما لازالت باقي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمعروفة بمنطقة “مينا” تتلمس طريقها بحذر نحو تبني هذا النوع من الرياضات الجديدة، بينما غدت نشاطا اقتصاديا مدرا للمال في العالم.

أقل بقليل من مليار دولار هو إجمالي إيرادات الرياضات الإلكترونية العام الماضي على المستوى العالمي، حسب تقرير صادر عن شركة تحليلات صناعة الألعاب Newzoo. وحسب ذات الشركة، إيرادات صناعة الألعاب الإلكترونية بلغت 175 مليار دولار سنة 2020، بزيادة 20% مقارنة مع سنة 2019.

اقتصاد مزدهر

لم يتضرر إجمالي إيرادات الرياضات الإلكترونية بشكل كبير خلال جائحة فيروس كورونا، والتي تسببت لشركات عملاقة واقتصادات ضخمة بخسائر كبيرة نجت منها قطاعات محدودة. الرياضات الإلكترونية التي يشكل جمهورها عالميا نصف مليار شخص، كانت من ضمن تلك القطاعات، حيث انخفض مستوى الإيرادات بـ 0,8% فقط عن سنة 2019.

على الرغم من انتشار فيروس كورونا سنة 2020 إلا أن دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط منخرطة، بتفاوت، في ترسيخ هذا النوع من الرياضات في صفوف شبابها الذين يشكلون جزءا كبيرا من الهرم السكاني لهذه البلدان. ففي أواخر نفس السنة، شاركت 16 دولة في البطولة العربية الأولى للألعاب الإلكترونية المنظمة عن بعد، والتي أشرف على تنظيمها مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية وبإشراف فني من الاتحاد العربي للرياضات الإلكترونية.

من جهة أخرى، تمكنت اللاعبة السعودية نجاة فهد من الفوز ببطولة الألعاب الإلكترونية لكرة القدم للجامعات FIFA 20 أواسط العام الماضي، بعد فوزها على لاعبة برازيلية ثمانية مقابل لا شيء. ويعود نجاحها في ذلك حسب ما تناقلته عدة منابر إعلامية دولية، إلى الرعاية التي تلقتها من المملكة العربية السعودية ومن والاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية والذهنية، اللذين يسعيان لاستثمار 80 مليار ريال في هذه الرياضات في أفق عام 2030، حسب رئيس الاتحاد السعودي، الأمير فيصل بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز.

وتعنى المملكة العربية السعودية بالرياضات الإلكترونية بشدة، ولاسيما بعد تأسيس اتحاد خاص بها أواخر سنة 2017. ومنذ إنشائه تقام العديد من البطولات الدورية وبجوائز نقدية تبلغ أحيانا نصف مليون ريال سعودي، للفتيان والفتيات. كبطولة دوري الجامعات السعودية للرياضات الإلكترونية. مما أهل السعودية للحصول على مقعد في الاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية، ومقعد آخر في الاتحاد الآسيوي في الفئة نفسها.

تبقى السعودية أبرز دولة في منطقة “مينا” تعطي اهتماما للرياضات الالكترونية. ومكنت المرأة من أخذ المبادرة في هذا القطاع، حيث استطاعت السعوديات إنشاء أول ناد سعودي خاص بالرياضات الإلكترونية تحت اسم “فالار”.

أما في المغرب الذي يضم 3 ملايين محب للرياضات الإلكترونية، منهم مليون لاعب نشيط، حسب بيان سابق صادر عن منظمة MCES أفريقيا للرياضات الالكترونية، فهو منخرط بدوره لتأطير هذا القطاع. فالمغربية للألعاب والرياضة توفر الفرص للاعبين المغاربة للمشاركة في كبريات الدوريات العالمية. كما نظمت سنة 2019، الدوري المغربي الأول للرياضة الإلكترونية في لعبة فيفا 19.

علاوة على ذلك، بدأت تنتشر في المدن الكبرى بالبلاد مسابقات تنظمها قاعات ألعاب خاصة. تشهد إقبالا هائلا من طرف الشبان، إلا أنها ما تزال متواضعة من ناحية إقبال الفتيات على المشاركة فيها. يحصل الفائزون على منحة مالية تتراوح ما بين 10 دولارات و500 دولار حسب نوع قاعة الألعاب المنظمة للبطولة أو المسابقة.

بدورها تونس أسست جامعة رياضية خاصة بالرياضات الإلكترونية سنة 2018. قبل أكثر من سنة، اعترفت بمهنة “لاعب رياضات إلكترونية”، لتكون بذلك أول دولة عربية تصدر بطاقة تعريف وطنية لمزاولي مهنة أصبحت الدولة بمؤسساتها تعترف بأنها حقيقية. وتماشيا مع هذه الطفرة، برزت البطلة في لعبة “PUBG”، التونسية نورشين التي أصبح دخلها يعتمد كليا على مهنتها التي اختارتها، وتحصل على رواتب محترمة من عند متابعيها ومن الرعاة.

وتبلغ النسبة المئوية لأموال الإعلانات المتدفقة في اقتصاد الرياضات الإلكترونية عالميا، 35%، حسب إحصاءات سنة 2019 لمؤسسة برايس ووتر هاوس. ينخفض هذا الرقم بالنسبة إلى مبيعات المستهلك وإيراداته ليتوقف عند 23%. بينما حقوق البث والدفق الإعلامي لا تتجاوز 22 و20% على التوالي.

Twitter
Email
Facebook
LinkedIn
Pinterest