فوزية مدهوني شابة في ربيعها الخامس والعشرين، مولعة بكرة القدم الأمريكية وتتخذها وسيلة لخوض معارك عديدة وخاصة من أجل تحرير النساء في المغرب. فالرياضة بالنسبة إليها شغف، بل سلاح ضد المرض.
يحتضن المغرب نهائيات دوري أبطال إفريقيا للسيدات خلال الفترة من 9 وحتى 23 نوفمبر بمشاركة 8 أندية، منهما فريقان من المغرب ومصر. نسخة هذه السنة مختلفة تماما عن سابقاتها خاصة وأن الفائز بها سيفوز بجائزة…
دومنيك، متطوعة بالبارالمبياد تواجه التحديات بجرأة كبيرة
رغم الخسارة.. مصرية تزن 38 كلغ تبدع في بارالمبياد باريس 2024 اختتمت الرباعة المصرية إيناس الجبالي منافسات وزن 41 كجم سيدات في بارالمبياد باريس 2024،
ليندة حمري تهدي الجزائر البرونزية الثانية في بارالمبياد باريس 2024 توجت الرياضية الجزائريـة ليندة حمري بالميدالية البرونزيـة في منافسات الوثب الطويل في صنف T 12
المغرب يحصد ميدالية أخرى في باريس 2024 بواسطة سعيدة العمودي أحرزت البطلة المغربية سعيدة العمودي، صباح اليوم الثلاثاء، ميدالية برونزية في منافسات رمي الجلة
المغربية نور الهدى الكاوي توضع أسباب الإقصاء من بارالمبياد باريس 2024
فوزية مشرقة إشراقة هذا اليوم الجميل المشمس بمدينة سلا المغربية. شعرها القصير ينم عن علاج كيميائي لم يمض عليه وقت طويل. ترتدي بذلة رياضية وتبدو دائما على أهبة الاستعداد. وبابتسامة عريضة تحكي الشابة أنها ولدت وترعرعت في هذه المدينة التوأم للعاصمة الرباط. والداها مطلقان وتعيش مع أمها وأخيها الأصغر.
بدأ كل شيء بصورة على شبكات التواصل الاجتماعي. كانت آنذاك طالبة بجامعة محمد الخامس بالرباط عندما رأت ذات يوم منشورا على الإنستغرام: صورة لرفيقة لها من نفس الدفعة ترتدي خوذة وواقية للكتف. رؤية تلك المعدات حركت فيها رغبة: “فقلت في نفسي: أريد ذلك. أريد ارتداء الخوذة أنا كذلك.” وهكذا بدأت مغامرة مازالت مستمرة الآن منذ ست سنوات تقريبا. ومنذ تلك اللحظة والسلاوية (بنت مدينة سلا) مولعة بكرة القدم الأمريكية. وتمخض ذلك عن ميلاد فريقها “النمور” الذي أسسته وتقوده وتشارك في رئاسته.
كيف تقضي فوزية يومها عادة؟ تستيقظ وتتناول فطورها إن أمكنها أن تأكل. وفي الثامنة صباحا تتجه إلى المستشفى، مما يكلفها، ذهابا وإيابا، ما بين ساعة أو ساعتين من وقتها. ثم تعود إلى بيتها وتحاول أن تحسّن من قدراتها كمتحدثة وتجري اتصالات هاتفية كثيرة بما أن لها شراكات مستقبلية مع العديد من المنظمات الأمريكية. والسر في ذلك أن فوزية بصدد تأسيس جمعية.
إنه شغف المناقشات وتناول الكلمة أمام الجمهور بالإضافة إلى كرة القدم الأمريكية التي أثارت فيها هذه الرغبة. ومن أحلامها أن يصل تأثيرها إلى أكبر عدد ممكن من الناس. وهكذا رأت النور جمعيتها “We can Morocco” التي تهدف إلى تحرير النساء بفضل كرة القدم الأمريكية. والجمعية، التي أصبحت تحظى بدعم “Star Wright Foundation” وهي مؤسسة أمريكية تكافح من أجل تمكين الشباب وتحارب الفقر، مازالت في حوار مع شركاء آخرين محتملين في المغرب. وهكذا سيكون عليها أن تبدأ جولة حول المغرب وستقصد القافلة مجموعة من المدن المغربية بهدف تلقين فن كرة القدم الأمريكية لأكبر عدد ممكن من الناس.
تقول فوزية: “هناك العديد من التسهيلات عندما يتعلق الأمر بتأسيس جمعية في المغرب. والحمد لله كل شيء على ما يرام بالنسبة إلي. حظيت بدعم كثير لهذا المشروع الجديد وقد تنطلق القافلة في شهر يوليو المقبل إن شاء الله”. وتأمل في المستقبل أن توسع هذه القافلة، ففي المرحلة الأولى ستقوم بجولاتها في المغرب. وتتمنى فوزية أن تمددها فيما بعد إلى القارة الأفريقية إذا سارت الأمور على أحسن وجه. وبالإضافة إلى هذه الجمعية وفريقها “النمور” تنوي فوزية أن تطلق في شهر سبتمبر 2021 “Phantoms Academy” بمشاركة فريق “Phantoms USA” ومرة أخرى بمشاركة “Star Wright Foundation”. وستكون هذه الأكاديمية عبارة عن منظمة غير ربحية موجهة بصفة خاصة للنساء والأطفال ولكن للرجال كذلك. فالفكرة توافق مقولة “العقل السليم في الجسم السليم” بما أنها تعد، من خلال كرة القدم الأمريكية، ببرامج تبادل في الولايات المتحدة لفائدة العناصر المتميزة أكاديميا ورياضيا. وهكذا سيمكن ذلك بعض المغاربة من متابعة دراستهم في الخارج لبعض الوقت. وهذا البرنامج “Phantoms Academy” هو أيضا شراكة مع جمعيتها “We can Morocco”.
في سن الخامسة والعشرين، أصيبت فوزية بسرطان الثدي وكان ذلك سنة 2020. وتعترف متأثرة بأن ذلك هو أقسى ما يمكن أن يحدث لها. “كنت أدعو الله أن أكون قادرة فقط على المشي في يوم من الأيام”. إنه أمر رهيب خاصة عندما تكون لديك مثلي أهداف تتمنين تحقيقها وتكونين رياضية. لا أتمنى لأي شخص آخر أن يعيش تلك التجربة ولا أتمناها حتى لألد أعدائي. وتقول فوزية إنها تشعر بحيوية أكثر الآن بعد أن تجاوزت الأسوأ. وتشعر أنها أكثر تحفيزا وتقديرا للحياة حيث تغيرت حالتها العقلية تماما مع المرض ولم يعد هناك أي مبرر لتأجيل أي شيء إلى الغد.
اضطرت فوزية لإيقاف دراستها وعملها في مركز للاتصالات بسبب المرض. وأوقفت للأسف ممارستها لكرة القدم أيضا لبعض الوقت، وكان ذلك صعبا جدا عليها هي التي كانت تمارس الرياضة بكثرة. “أنا أمارس الرياضة دائما: التايكواندو والسباحة وكرة القدم وألعاب القوى. ولكن كرة القدم الأمريكية مكنتني حقا من تطوير إمكانياتي كاملة”.
وتذهب فوزية لإجراء التدريبات عندما تكون قادرة على ذلك ولا تشعر بالإرهاق الكبير نتيجة المرض والعلاجات. وهذا ما يحدث تدريجيا منذ أن أنهت علاجها الكيميائي وتجاوزته إلى العلاج بالأشعة. “أعتقد أن الرياضة تمكن من تفريغ الضغط عند أي مريض. وأدعو جميع النساء المصابات بأي مرض أو بالسرطان أن يحاولن ممارستها فذلك يمكن من التخلص من الغضب والتوتر المتراكم. إنه أمر قاس جدا على المستوى النفسي أن تجدي نفسك في هذه الوضعية بين عشية وضحاها. وأنا مقتنعة أن السرطان أيضا معركة نفسية وذهنية ضد الذات. أشعر إنني حية بفضل كره القدم الأمريكية وعندما أكون على رقعة الملعب رغم أنني أتلقى الضربات (تضحك) فإن ذلك أفضل أحاسيسي”.
وعلى سؤال “هل أنت نسوية؟” جاء ردها سريعا “بالطبع” وتواصل قائلة “يجب أن تكوني نسوية لكي تتجاوزي وضعيات شبيهة بالتي عشتها. كما أن الحركة النسائية هي تلك الرغبة في كسر الحواجز والصور النمطية”. وحين تسأل عن رأيها في الرجال الذين يعيبون عليها ممارسة رياضة يعتبرونها ذكورية، تجيب المعنية بالأمر ببساطه “ليأتوا إلى رقعة الملعب. ليأتوا ويلعبوا ضدي وحينها سنرى. كرة القدم الأمريكية ليست مسألة قوة فحسب، بل مسألة ذهنية أيضا”.
ولهذا تكرس المرأة الشابة جل وقتها للنساء في الرياضة. وستركز قافلة “We Can Morocco” بصفة خاصة على النساء والأطفال. “إذا كان الأطفال هم المستقبل فإن النساء هن اللواتي يقمن بتربيتهم والرياضة ستتيح لهن ذلك. أنا متيقنة من ذلك”.
وتبقى فوزية متفائلة جدا بخصوص مستقبلها: “آمل على الأقل أن أقوم بجولتين في المغرب رفقة القافلة قبل نهاية عام 2021 كما أود أن أسافر لبعض الوقت إلى الولايات المتحدة ولو لمدة شهر واحد لاكتساب التجربة في عدة مجالات رياضية واجتماعية لأعود إلى المغرب وأطورها. وعلى المدى البعيد أيضا تتدفق المشاريع: “أتمنى أن أدخل مجال المقاولة الاجتماعية (أي: شركات اجتماعية تضامنية) فأنا عندما أستيقظ لا أستمع إلى الموسيقى أو الأخبار بل أتابع “محاضرات Ted Talks الدولية” (وهي حرفيا: محادثات التكنولوجيا والترفيه والتصميم). ومن أحلامي أن أكون قادرة على تقديم محاضرة من هذا القبيل. أريد أن أكون مصدر إلهام وأن أؤثر على الأجيال القادمة. وأحلم أن يصل تأثيري إلى حياة مليون شخص في غضون خمس سنوات وخاصة منهم النساء والأطفال لأنهم هم المستقبل. ذلك ما أحاول تحقيقه عن طريق القوافل”.
وتخلص فوزية إلى القول مبتسمة: “وفي الأخير، إذا كنا لا نسخر من أحلامنا فهذا يعني أننا لا نحلم”.