إقرأ أيضا

الصحة العقلية والرياضة: معاناة صامتة

أولًا اليابانية ناومي أوساكا والآن أسطورة الجمباز الأميركية سيمون بايلز. كشفت اثنتان من أبرز نجوم الرياضة العالمية علنًا عن معاناتهما من مشاكل متعلقة بالصحة الذهنية، ما قد يجعلهما وجهَين يساهمان في إحداث تغيير جذري في النظر إلى هذه المسألة على نطاق واسع.

صدمت بايلز أولمبياد طوكيو بانسحابها من منافسات المسابقة الكاملة لفرق السيدات بقولها “عليّ القيام بما هو مناسب لي وأن أركّز على صحتي العقلية وألا أعرّض صحتي ورفاهيتي للخطر”.

سبق لابنة الـ24 عامًا أن ألمحت الى أنها تشعر بالضغط الهائل في العاصمة اليابانية عندما كتبت عبر حسابها على إنستغرام منذ يومين “أشعر حقًا أن حمل العالم كله ملقى على كتفيّ أحيانًا”. 

وانهال الدعم من كل حدب وصوب على مواقع التواصل الاجتماعي للنجمة الاميركية حيث شكرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” الأميركية هنرييتا فور على تويتر مواطنتها لأنها “مثال يحتذى به وتظهر للعالم أنه لا عيب في إعطاء صحتك الذهنية أولوية.

مُنيت أوساكا التي أضاءت المرجل في حفل الافتتاح وحلمت بالمجد الأولمبي على أرضها أيضًا الثلاثاء بانتكاسة، بخروجها من الدور الثالث لمنافسات كرة المضرب وأقرت أن “الضغط كان حتمًا كبيرًا”.

وكانت اليابانية كشفت في وقت سابق من هذا العام عن معاناتها من مشاكل اكتئاب وقلق أبعدتها لفترة عن الملاعب.

ولا يقتصر الأمر على هاتين اللاعبتين، فقد كشف العديد من النجوم عن معاناتهم في التعامل مع الضغوطات، أمثال أسطورة السباحة الاميركي مايكل فيلبس ومواطنه لاعب كرة السلة كيفن لوف والانكليزي ماركوس راشفود مهاجم مانشستر يونايتد لكرة القدم.

– ضغط الفقاعة –

قالت جولي-آن تولبيرغ، الخبيرة في علم النفس الرياضي والصحافة الرياضية في جامعة موناش في أستراليا، لوكالة فرانس برس إن “الصحة العقلية ظلت لفترة طويلة مخبأة بعد تقديم أداء ضعيف في الأحداث الرياضية التي تكون فيها الضغوطات كبيرة، مثل الأولمبياد”.

وتابعت “لكن الرياضيين يرغبون الآن في التحدث علنًا عن الضغوطات التي يعانون منها”، مضيفة أن الناس يعانون من “القلق من الأداء” في جميع مناحي الحياة، وقد تفاقم ذلك في كل أنحاء العالم بسبب حالات الإغلاق للحد من تفشي جائحة فيروس كورونا.

ولفتت تولبيرغ الى أنه “هناك شبكات دعم متاحة لنا طوال الوقت، ونحن نشجع على طلب المساعدة. بات الناس يلجأون الى هذه الخيارات لأنهم لم يعودوا خائفين جدًا من تداعياتها في حال علم زملاؤهم في أماكن عملهم أنهم يعانون”.

ورأت تولبيرغ أن الإجراءات لمكافحة الفيروس التي يواجهها الرياضيون في الألعاب، حيث يمكثون بشكل شبه دائم في القرية الاولمبية، ألقت بثقله عليهم.

وقالت “أعتقد أن فقاعة القرية الأولمبية لها تأثير كبير على الرياضيين. اعتادوا على الخروج والاحتفال بعد منافساتهم، لكنهم الآن غير قادرين على القيام بذلك، لأول مرة في التاريخ الحديث”.

– معاناة صامتة –

قالت كاتي كامكار الأخصائية في أبحاث علم النفس في مركز الإدمان والصحة العقلية في تورونتو، إن كلام بايلز سيساعد في “تطبيع الحديث” عن الصحة القلية.

صرّحت في حديث لإذاعة سي بي سي/راديو-كندا “كان هناك دائمًا تركيز في عالم الرياضة على الظهور جاهزًا بدنيًا وسليمًا ذهنيًا، وهذا يمكن أن يؤدي الى استمرار نوع من المعاناة الصامتة والعزلة الذاتية”.

ذكرت بايلز بعد انسحابها الثلاثاء بشأن صحتها الذهنية “لم أعد أثق بنفسي كما كنت سابقًا. لا أعرف ما إذا كان للعمر علاقة بذلك، بت أتوتر أكثر عندما أمارس الجمباز. كما أنني أشعر أني لم أعد أستمتع كالسابق”.

قالت آلي رايزمن، المتوجة بثلاث ذهبيات أولمبية وزميلة سابقة لبايلز في الفريق الأميركي للجمباز، إن الاخيرة كان تحت ضغط هائل لأشهر قبل طوكيو بسبب ثقل التوقعات”. قالت في حديث مع قناة محلية “الضغط كبير ليتحمله أي شخص، إنها إنسانة”.”

وتساءلت رايزمن (27 عامًا) التي اعتزلت العام الماضي عن نوع الدعم النفسي المتاح لبايلز والرياضيين الأميركيين الآخرين، إذ قالت في حديث مع شبكة “إي أس بي أن” إنه “عندما كنت أتمرن، لم تكن هناك موارد متاحة لنا للتحدث عن صحتنا العقلية أو حتى وسائل لفهمها”.

وتابعت “يجب أن نسأل المنظمات مثل الاتحاد الاميركي للجمباز واللجنة الأولمبية الأميركية: ماذا تفعلون لدعم رياضييكم وكيف يمكننا أن نمنع الرياضيين من الشعور بأنهم يكافحون لدرجة أنهم لا يستطيعون إنهاء المنافسة؟ “.

لم تخفِ بايلز الثلاثاء أن “العلاج ساعد كثيرًا، بالإضافة إلى الأدوية…ولكن عندما تكون في مواقف يكون فيها التوتر عاليًا، ينتابك الذعر نوعًا ما. لا تعرف كيف تتعامل مع هذه العواطف، خصوصا في الالعاب الاولمبية”.

 

Twitter
Email
Facebook
LinkedIn
Pinterest