“خدعني، أخبرني بأن علي مرافقته كي يريني بعض المنتوجات التي ستساعدني على خفض وزني. أوقف السيارة على جنبات الطريق، وشرع في لمس خصلات شعري دون إذن مني. شعرت بالدوار، ثم صفعته، وهرعت خارج سيارته”، تقول أسمهان (اسم مستعار)، شابة في العشرين من العمر، عن مدربها الرياضي الذي حاول التحرش بها داخل سيارته.
تستذكر أسمهان بحزن ما جرى لها قبل نحو سنة، وهي التي كانت تطمح لخفض وزنها بإحدى القاعات الرياضية بمدينة طنجة شمالي المغرب. لم تطأ قدم الفتاة المغربية صالة “الجيم” مرة أخرى لأن ما حدث كان بمثابة فيلم رعب وفق وصفها، ولم تبلغ السلطات بما جرى خوفا مما قد يترتب على ذلك داخل أسرتها الصغيرة. “أين هو الأمان؟ أليست لي حقوق رياضية؟ ألا يمكن ممارسة الرياضة في أمن وأمان؟ ” تتساءل.
قصة أسمهان، واحدة من عدة قصص تتناقلها وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى من مختلف أنحاء العالم. في أواخر عام 2022، حكم على مدرب سابق للمنتخب البرازيلي للجمباز بالسجن لأكثر من قرن بتهمة اغتصاب أربع لاعبات. ومن هؤلاء اللاعبات قاصر واحدة على الأقل تبلغ من العمر 13 سنة، وفق ما ذكرت الصحافة البرازيلية.
زيادة على ذلك، ادعى حوالي 40 رياضيا لقناة “غلوبو” أنهم تعرضوا لاعتداءات نفسية وجسدية وجنسية من قبل نفس المدرب البرازيلي.
في كوريا الجنوبية، وفي صيف عام 2018، كشفت لاعبة التنس، كيم أون هي، عن أنها تعرضت للاغتصاب من قبل مدربها وهي في سن 10 سنوات. اللاعبة الكورية، أعلنت عما جرى لها لأول مرة وهي في سن 27 عاما، أي بعد مرور 17 عاما على أول اعتداء عليها من طرف المدرب، الذي استمر في فعله لسنتين على الأقل.
ووفق قصاصة نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية أ.ف.ب، فأن دراسة أجرتها اللجنة الأولمبية الكورية الجنوبية في 2014، كشفت عن أن واحدة من أصل سبع رياضيات تعرضت لمضايقات جنسية في العام 2013، 70% منهن لم يطلبن المساعدة.
أما في البرازيل، فقد تعرضت، نهاية عام 2021، حافلة فريق أبيلحاس راينهاس لكرة القدم النسائية، لهجوم مسلح. وأسفر هذا الهجوم عن اغتصاب إحدى اللاعبات داخل الحافلة وذلك أثناء استعدادها لمغادرة الملعب بعد مباراة رسمية بالدوري المحلي. وهدد الجناة اللاعبة مستعملين السلاح الأبيض للإيقاع بها واغتصابها، قبل ان يفر المسلحون إلى وجهة مجهولة.
عودة إلى المغرب، ففي أواخر عام 2021، اعتقلت الشرطة المغربية، مدرب كرة قدم خمسينيا بمدينة بني ملال وسط البلاد، عمد إلى اغتصاب إحدى لاعبات الفريق الذي يدربه. ووفق الصحف المحلية، فإن الجاني استغل سلطته ووضعه الاعتباري مدربا لفريق الإناث، للتغرير بالضحية القاصر البالغة من العمر 15 سنة واستمالتها والتحرش بها، قبل الشروع في استغلالها جنسيا.
مصر أنموذجا
خلصت دراسة أنثروبولوجية بعنوان “التحرش الجنسي في المجتمع الرياضي”، نشرت في عدد سبتمبر 2020، في المجلة العلمية للتربية البدنية وعلوم الرياضة، إلى أن التحرش الجنسي، بدولة مصر، يتجه بفروق ونسب أكبر للبنات في معظم المراحل السنية، بينما يتجه إلى الأولاد في مرحلة أقل من 10 سنوات.
الدراسة التي أنجزها الدكتور المصري راني بهجت ناصف، وهو مدرس بكلية التربية الرياضية للبنين بحلوان، أكدت أن التحرش اللفظي هو أكثر أشكال التحرش الرياضي انتشارا في الوسط الرياضي، سواء الموجه للبنات أو الفتيان، ويليه التحرش الجسدي، ثم التحرش الكامل.
ينتشر التحرش في مختلف الرياضات، وفق نفس البحث الأكاديمي، ولكن يظهر جليا بالنسبة للبنات في رياضات السباحة، الهوكي، الكرة الطائرة، الإسكواش، التنس، ومعظم الرياضات القتالية. ويحدث ذلك سواء داخل النادي أو خارجه.
حلول
تدرك اللجنة الأولمبية الدولية أن الرياضيات معرضات في أي لحظة لانتهاك حقوقهن. ولهذا السبب وضعت على موقعها الإلكتروني سلسلة تعليمية تشرح معنى التحرش وسوء المعاملة في الرياضة. إضافة إلى ذلك، وضعت في متناول زوار الموقع تسعة مقاطع فيديو تعرض سيناريوهات لأشكال مختلفة من التحرش الجنسي وسوء المعاملة في الرياضة.
وعلى نفس الموقع الإلكتروني، تسلط اللجنة الضوء على الخطوات التي يجب على الرياضي أو المدرب أو المنظمة الرياضية اتخاذها للمساعدة على منع حالات التحرش وسوء المعاملة وكذلك خلق بيئة رياضية آمنة للجميع.
وفي دراسته قدم الدكتور راني بهجت ناصف، مجموعات من التوصيات للحد من تفشي الظاهرة أكثر فأكثر. وأشار في بحثه إلى ضرورة إنشاء وحدات لمكافحة التحرش الجنسي والعنف في المؤسسات الرياضية. علاوة على ذلك، نصح بتصميم تطبيق رقمي على الهاتف، يمكن السيدات والفتيات الرياضيات من تقديم البلاغات ضد المتحرشين.