عندما فزت بالميدالية الذهبية في سباق 400 متر حواجز في لوس أنجلس، كانت تلك أول مرة يدرج فيها هذا السباق بالألعاب الأولمبية. ما كان شعورك في ذلك اليوم وأنت تكسرين “السقف الزجاجي” لجميع الرياضيات في هذا التخصص؟
شعرت بالسعادة، وطبعا بالفخر لأنني رفعت عاليا علم المغرب أثناء هذه المنافسة المرموقة. غير أنني شعرت أيضا بالأسى والحسرة لأن أبي لم يكن هناك لأتقاسم معه تلك اللحظة من الفرحة والفخر. فقد توفي قبل أشهر من فوزي. كان يؤمن كثيرا بقدراتي. ولذلك شاب أسى عميق فرحتي بهذا التتويج الأولمبي.
أما بالنسبة إلى “السقف الزجاجي” فكم شعرت بالسرور حقا، وبكل تواضع، أن أرى أنني كسرت العديد من المحظورات والأحكام المسبقة عبر الفوز بأول سباق 400 متر حواجز نسائي في تاريخ الألعاب الأولمبية.
كان حلما كبيرا! احتجت إلى 54 ثانية و61 جزء من المئة لأحول حلمي إلى حقيقة وأصبح بذلك سفيرة لهذه الرياضة ولبلدي. ناهيك عن واجبي في نقل خبرتي التي اكتسبتها بشق الأنفس والقيم الحقيقية للرياضة لملايين النساء والفتيات اللاتي ليست لديهن فرص كافية ويقعن تحت ضغط مجتمعي.
37 سنة بعد إنجازك، تم إعلان التكافؤ في الألعاب الأولمبية لطوكيو. ففي عام 1984، كانت النساء لا تمثل سوى 23% من المتنافسين. لماذا يستغرق التنوع المرتبط بالجنسين كل هذا الوقت؟
أريد أن أوضح بأنه خلال 25 سنة الأخيرة، دافعت اللجنة الأولمبية الدولية عن مشاركة النساء على جميع المستويات. سواء في الألعاب الأولمبية أو في إطار الحركة الأولمبية أو في تنظيمها هي ذاتها. عدد النساء المتنافسات في الألعاب زاد زيادة ملحوظة، لينتقل من 34% في أتلانتا عام 1996 إلى رقم قياسي بلغ 49% وهو مرتقب في أولمبياد طوكيو 2020. مع التزام ببلوغ مساواة تامة في الألعاب الأولمبية بباريس عام 2024.
أحد دوافع هذه الثورة الإيجابية هو التزام اللجنة الأولمبية بإتاحة أكثر من فرصة للرياضيات عبر توسيع نطاق البرنامج الأولمبي بغية إدراج عدد أكبر من المنافسات النسائية. وفي طوكيو، ستقدم أربع اتحادات دولية لأول مرة عددا مماثلا من المنافسات الرجالية والنسائية (التجديف، الإبحار بالزوارق الصغيرة، رفع الأثقال والرماية).
في أولمبياد طوكيو ولأول مرة، سيكون هناك على الأقل امرأة ورجل في كل وفد من الوفود الـ206. ومن ناحية أخرى، تم تغيير القواعد بغية السماح للجان الأولمبية الوطنية بتسمية امرأة ورجل ليحملا معا علم وفدهما أثناء حفل الافتتاح.
واعترافا من اللجنة الأولمبية الدولية بأن التوازن بين الرجال والنساء في الألعاب الأولمبية غير كافٍ، فقد أطلقت في آذار/مارس 2018 مشروعها التحليلي حول المساواة بين الجنسين. وتدور توصيات هذا المشروع حول خمسة مواضيع رئيسية: الرياضة والتمثيل والتمويل والإدارة والموارد البشرية. وهذه نتيجة منطقية للأجندة الأولمبية 2020، وهي خريطة الطريق الاستراتيجية للحركة الأولمبية.
سيكون لتحقيق نسبة أكبر من التنوع المتعلق بالجنسين في الهيئات الإدارية للرياضة العالمية دور كبير في الترويج للرياضة النسائية. التحقت باللجنة التنفيذية للألعاب الأولمبية في كانون الثاني/يناير 2020، وهي لجنة ليس فيها سوى 5 نساء من أصل 15 عضوا. فكيف يتم إدراج العنصر النسائي في مراكز القرار داخل اللجنة الأولمبية؟
اللجنة الأولمبية الدولية تقوم بدور ريادي في تعزيز المساواة بين الجنسين داخل إدارتها عبر زيادة نسبة أعضائها من النساء إلى 37%، أي أعلى من الهدف المحدد، على أن تشغل النساء 30% من مراكز القرار بنهاية 2020. ومنذ بضعة أشهر، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية تشكيلة لجانها، و 47,7% من المقاعد تشغلها نساء، وهذه نتيجة ملموسة منبثقة عن الإصلاحات التي تقررت بعد اعتماد الأجندة الأولمبية 2020.
موقع ومجلة “تاجة” من وسائل الإعلام النادرة التي تُعنى بالرياضة النسائية في العالم العربي. كيف ترين اليوم دور الإعلام في ترويج الرياضة لدى النساء وفي تسليط الضوء على الإنجازات الرياضية النسائية؟
أهنئكم على فكرة موقع “تاجة” الذي من شأنه أن يعزز مكانة المرأة العربية في الرياضة. اليوم يشكل الإعلام طبعا قوة دفع ضرورية لتوعية الناس بقضايا المساواة بين الرجال والنساء. أما فيما يخص الرياضة، فمن المهم تسليط الضوء على الممارسات الجيدة التي تنبغي مراعاتها في تمثيلهن في مجالات التواصل والإعلام. وهذا يغطي طبعا ما يستخدم من مفردات وصور وشهرة وتموقع في الرسائل التي تنشر والتقارير.
لقد حان الوقت لكي يؤخذ التمثيل المتوازن للجنسين في الميدان الرياضي على محمل الجد والحرص على أن يكون ذلك على جميع المستويات، علما أن النضال للقضاء على الأحكام المسبقة ما زال طويلا.
تعاني النساء في مجتمعاتنا من عدة مناحي اجتماعية وثقافية عندما يكون لديهن اهتمام بالرياضة. في الوقت الذي أصبحت الرياضة معترفا بها اليوم على أنها دافع حقيقي للتنمية ولتمكين المرأة. أي رسالة توجهينها للنساء؟
نصيحتي لجميع النساء الراغبات في ممارسة الرياضة هي المواظبة على التدرب بجدية وعزم والقيام بذلك دائما بفرح، ووضع كامل جهدهن في كل ما يقمن به. وخاصة أن يحببن ما يفعلن بشغف وتفان. فالرياضة تحسن قبل كل شيء أسلوب الحياة وتتيح أيضا تعزيز احترام الذات والثقة بالنفس وضبطها، من أجل محاربة الأفكار النمطية.