إقرأ أيضا

إقصائيات أولمبياد باريس: المغرب ينتصر على تونس ذهابا (1-2 )

انتصر المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات على نظيره التونسي، بهدفين لواحد، في المباراة التي جمعتهما اليوم الجمعة في تونس، برسم ذهاب الدور الثالث (قبل الأخير) من التصفيات المؤهلة للألعاب الأولمبية باريس 2024، والمرتقبة في الفترة…

ليان قطيشات: ملعب كرة السلة هو ملجئي

“دون أي إحماء وفي لحظة خاطفة، بعد ساعتين من الجلوس على مدرج الاحتياط وفي الوقت الإضافي، وجدت نفسي أسدد النقاط التي أهلت فريقي ليفوز في النهائي على نظيره النادي الأرثودكسي. “وحشة ليان” الجمهور صار يهتف والأجواء الحماسية تعم الملعب، لا أجد كلمات تعبر عن شعوري في تلك اللحظة “الفراشات كانت تحلق في داخلي”، تحاول اللاعبة الناشئة ليان عبد الله قطيشات، 16 سنة، وصف أجمل لحظة في مشوارها الرياضي لغاية الآن، خلال مشاركتها في الدوري للمرة الثالثة.
ليان قطيشات
ليان قطيشات

بين دوريي ليان الأول والثالث حوالي سنتين من الإصرار والتصميم. تستذكر ليان الدوري الأول لها “سألني والدي من خلف الكاميرا، كيف تشعرين؟ كنت متحمسة وخائفة، كل ما تمرنت لأجله كان أمام عينيّ، إنها اللحظة الحاسمة.” لم يفز فريق نادي الفحيص التي كانت تنتمي له ليان في حينها، لكن هذا لم يؤثر على عزيمة وروح اللاعبة الناشئة، “ألعب دائما من قلبي، ألعب لأني أحب كرة السلة، أحب الفوز فمن لا يحبه؟ لكن الأهم بالنسبة إلي روح الفريق، زميلاتي، ودعم من حولي.”

قبل سن الثانية عشرة قامت ليان في رحلة بحث عن شغفها، تنقلت خلالها بين السباحة وركوب الخيل، والمصارعة اليابانية (جوجوتسو). ورغم تفوقها في جميع الرياضات التي مارستها كما يقول والدها: “ليان لا يمكن أن تنسحب، منذ طفولتها تصمم على إتمام ما بدأت، لم تجد نفسها في مصارعة الجوجوتسو، لكنها أصرت على أخذ الحزام الأصفر قبل الانتقال لممارسة مشوارها الاحترافي في كرة السلة.”

تدربت ليان في البداية على يد المدرب الوطني معتصم سلامة، ثم انضمت إلى الفريق المدرسي الذي صقل موهبتها وأهلها إلى الإنضمام إلى نادي الفحيص للناشئات، نقطة تحول ونمو في حياة ليان أخذتها من الهواية إلى بداية الاحتراف. عندما رأت ليان فتيات مثلها يلعبنّ في المنتخب الوطني لكرة السلة ويتنافسن على مستوى إقليمي، قررت أن تكون واحدة منهنّ. “انضمامي إلى نادي الفحيص ودخولي إلى عالم السلة الاحترافي في الأردن غير نظرتي للمجتمع ولنفسي، عرفت أن لا حدود لقدراتي ولا عوائق يمكنها أن تتمكن مني.” ومن هنا سددت ليان كرة الشغف في السلة وبدأ الشوط الأول.

بدعم متواصل من الأهل وتوفر بيئة حاضنة للمواهب في المدرسة استطاعت ليان اتخاذ قرارات مهمة في مسارها الرياضي. “والدي هو مثلي الأعلى، هو الشخص الذي أسعى إلى أن أكون مثله يوما ما. أتعلم منه دائما ويدعمني في كل قرارتي وكذلك أمي تلهمني في كل خطوة واستمد منها قوتي.” بعد 4 سنوات في نادي الفحيص قررت ليان الانتقال إلى النادي الأرثودكسي، الذي كان سابقا فريقا منافسا.

ليان قطيشات: ملعب كرة السلة هو ملجئي
ليان قطيشات

تبحث اللاعبة عن تحديات جديدة دوما، آخرها قرارها في تغير فريقها الذي آتى من حبها للمغامرة وبناء علاقات وخبرات جديدة، تقول ليان: “يجب أن نغير الأشياء في حياتنا بشكل مستمر، ونحيط أنفسنا بتجارب جديدة بين الحين والآخر حتى ننمو ونتطور.” كونت ليان صداقات متينة عديدة في ناديها السابق. ولا ترى أن اللعب ضدهن سيؤثر على هذه العلاقات، بل تعتقد أنه سيقويها ويوطد علاقتها بكرة السلة.

ومع كل بداية جديدة تقترب ليان من طموحها بأن تلعب مع المنتخب الوطني الأردني. تستعد اليوم لخوض رابع دوري لها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر). وما يميز هذا الدوري هو أنها ستلعب وللمرة الأولى ضد فريق من عمرها. “حصل أحيانا أنني لم آخذ الفرصة التي أستحق. في الدوريات السابقة لعبت ضد ناشئات أكبر مني، لذلك كنت أشعر أن هناك تفاوتا في الخبرة والمهارة. لكن هذه المرة هي فرصتي كي أثبت نفسي أكثر.” تتدرب ليان تقريبا يوميا لمدة ساعتين إلى ساعتين ونصف. بالإضافة إلى ذلك تقوم بتمارين كروس فيت لتقوية عضلاتها وزيادة لياقتها وخاصة بعد أن أصيبت بفيروس كورونا ما دفعها إلى بذل جهد أكبر للحفاظ على بنيتها الجسدية.

اتخذت ليان من كرة السلة وسيلة لدعم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من أطفال متلازمة داون. فقد نظمت بطولة 3×3، واستطاعت جمع أكثر من 4 آلاف دولار (3 آلاف دينار أردني) لدعم الأطفال. “أفخر جدا بهذا الإنجاز، عملت جاهدة على إنجاح المشروع.” جمعت ليان في هذا المشروع بين شغفها الرياضي وسعيها إلى إحداث تغير إيجابي في مجتمعها.

سعي ليان لإحداث تغير في المجتمع لا يقف هنا، سألناها عما ستتخذ من قرارات إذا أصبحت رئيسة اتحاد كرة السلة الأردني يوما ما؟

“سأزيد عدد الفرق النسائية لأن هناك فقط 4 فرق مقابل 16 فريقا للشباب. وهذا يؤدي إلى غياب التنافسية الحقيقة، لأنه مهما كانت النتيجة الترشح للنصف النهائي مضمون. وهذا أيضا يمنعنا من لعب مباريات ودية كثيرة لأنه يكشف “أوراق الفريق”. من جهة أخرى هناك فرصة للعب مع فرق من دول أخرى كفلسطين ولبنان واليونان وأبو ظبي، وحتى بطولات مختلطة. كل هذه التجارب ساعدتني على التعرف على أساليب لعب جديدة والانفتاح على ثقافات أخرى وسهولة التواصل معها باستخدام كرة السلة كلغة جامعة.”

وعن حث باقي الفتيات على المشاركة في الرياضة تقول ليان، “المجتمع الرياضي مجتمع داعم بشكل عام ومليء بالقيم الإيجابية ويساعد على تقوية الشخصية. أحب ما أفعل وأريد لجميع الفتيات أن يخضن تجربة مماثلة. المدرسة هي المكان الأنسب لجذب الفتيات للدخول في عالم الرياضة، حتى لو على سبيل الهواية. المهم ألا تمنع النظرة المجتمعية الفتاة الرياضية من دخول هذه التجربة. لا داعي للخوف من نظرة المجتمع. أدخل في جدالات يومية على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هذا فقط يزيد من إصراري على نشر التوعية وأن أكون مثلا لكل فتاة تريد أن تصبح لاعبة. لدي أكثر من 20 ألف متابع ومتابعة على تطبيق التيك توك وعادة ما استخدمه للدفاع عن المساواة بين الجنسين وتفنيد الصور النمطية الخاطئة عن المرأة.”

“وجود مدربات نساء في طفولتي ورؤية من يمثلني ساعدني كثيرا وشجعني على الاستمرار. لا أنكر أنني فكرت في الانسحاب عدة مرات. لكن شغفي باللعب والمسؤولية الاجتماعية التي اتخذتها على عاتقي تدفعني كي استمر وأبقى أمثل بنات جيلي. أقول لكل فتاة تفكر في الانضمام لفريق كرة سلة: إنك ستجدين مجتمعا حاضنا بديلا. عائلة أخرى ودعم بلا حدود. الملعب بالنسبة إلي هو ملجئي. إنه المكان الذي أذهب إليه كي أرتاح، مهما يكن يومي سيئا أذهب إلى كرة السلة وأشعر بسعادة غامرة. أنا ألعب لأفوز لا لأنسحب.”

وجدت ليان في كرة السلة عالما آخرا مكنها من إعادة تعريف نفسها خارج محيطها الاعتيادي. العلاقات التي بنتها كناشئة في نادي الفحيص سابقا وفي نادي الأرثودكسي اليوم أضافت لها الكثير. فلو لم تلعب كرة السلة لكانت فتاة أخرى. تعلمت الشجاعة والتغلب على الخجل، بفضل الرياضة وخرجت من فقاعتها لذا تدعو جميع قريناتها لاتخاذ الخطوة نفسها.

Twitter
Email
Facebook
LinkedIn
Pinterest